قصة "ما وراء الكواليس"


 في إحدى القرى الهادئة، كان هناك ظابط شاب يُدعى "زين" يحترمه الجميع، وكان معروفًا بأخلاقه الرفيعة، والكل يثني على سلوكه المهني وحسن تعامله مع الناس. مهما كانت ظروفه صعبة، كان زين دومًا أول من يقدم يد العون. كان يحب ابنة عمه "ليلى"، والتي كانت قلبه ومحبوبته، وقد خطبها أخيرًا بعد فترة طويلة من العشق الصادق. كان يحلم بمستقبل مشرق معها.


توالت الأيام وأصبح زين من أفضل الظباط في قسم الشرطة، حيث لم تكن هناك قضية إلا ونجح في حلها. لكنه كان يواجه تحديًا كبيرًا عندما وصلت له قضية جريمة قتل غامضة لشاب يدعى "حسن"، كان يعيش في نفس قريته. الجريمة وقعت في ساعة متأخرة من الليل، غالبًا الساعة الثالثة فجرًا، وقت عودته من الخارج، وكان القاتل قد قتل الضحية بوحشية، فصل رأسه عن جسده، تاركًا وراءه جريمة غامضة بلا أي أثر أو دليل يشير إليه.


رغم مهاراته العالية في التحقيق، لم يتمكن زين من الوصول إلى أي دليل. ومع مرور الأيام، بدأت جرائم القتل تتزايد في القرية، وكانت كل جريمة تختلف عن الأخرى بشكل غريب، ومن ضمن الضحايا: أحد زملائه وفرد من عائلته، كانت حالات القتل لا يمكن تصورها، من بينها جريمة كانت فيها الضحية مقسمة إلى نصفين، وأخرى كانت عيون الضحية قد ثُقبت بعد أن تم ذبحها، أحمد بدأ يشعر بثقل التفكير. 


ثم جاء يوم، بينما كان يعاني من الإرهاق العقلي، ذهب لأقرب شخص إليه، ليلى، وقال لها: "أنا مرهق للغاية، كلما حاولت الاقتراب من الحقيقة، كلما ابتعدت أكثر. لا أدري ماذا أفعل بعد الآن." كانت ليلى دائمًا مصدر قوته، فقالت له: "أنا واثقة بك، وأعلم أنك ستجد الحل في النهاية. لا تتوقف عن المحاولة، أنت قادر على حل هذه القضية كما فعلت مع غيرها."


أثَّر حديثها في زين، فقرر أن يستمر في محاولاته. وفي أحد الأيام، استيقظ زين ليجد ورقة مكتوبًا عليها: "أعلم أنك تعبت، لكن مهما حاولت أن تصل إليّ أو تقتلني، لن تجدني أبدًا. بالرغم من أنني دائمًا ظلك." قرأ الرسالة بتمعن، وأخذ يفتش في كل زاوية من بيته لكنه لم يجد أي دليل على دخول المجرم.


ومع استمرار القتل، جاءت رسالة أخرى، مكتوبًا فيها: "هل تسأل لماذا أصبحت قاتلاً؟ السبب هو صدمات حياتي وألم نفسي عميق لا تستطيع أن تتخيله. كنت طيبًا لدرجة أنني أصبحت ضحية لمن حولي، وكلما حاولت الهروب من مشاعري وتفكيري، كان الألم يلاحقني في كل مكان، حتى أصبحت شخصًا آخر، لا يعرف الرحمة."


قرر زين بعد ذلك تركيب كاميرات في منزله، وحين راجع التسجيلات في اليوم التالي، صُدم عندما اكتشف أن القاتل لم يكن إلا هو نفسه! كان يضحك للكاميرا مشيرًا إلى نفسه. لا يمكن أن يصدق ما يراه، فكيف له أن يكون القاتل؟


ذهب فورًا إلى طبيبة نفسية، وأخبرها بكل ما يمر به، من فقدان للذاكرة إلى رسائل القاتل الغامض. قالت له: "أنت تعاني من انفصام في الشخصية. جزء منك يسعى للانتقام، بينما الجزء الآخر لا يدرك ما يحدث. هذا بسبب صدمات نفسية تعرضت لها في الماضي، وهذا مرض يمكن علاجه."


في يوم من الأيام، وعندما كان زين في حالة من الاضطراب النفسي بسبب ظلم تعرض له في العمل، أصبح لديه الشعور بالغضب، فذهب إلى منزل زميله في العمل الذي تمت ترقيته على حسابه، وقتله في لحظة من الغضب. وحين استيقظ في اليوم التالي، لم يتذكر شيئًا، فجأة، سمع دقات عنيفة على باب المنزل، وعندما فتح الباب أخذته الشرطة إلى القسم، وفي الطريق ظل يسأل الظباط ما الذي حدث ولم يجيبه أحد حتى وصل إلى قسم الشرطة، تفاجأ عندما عرضت عليه الشرطة تسجيل الكاميرا الذي يثبت تورطه في الجريمة. لم يكن قادرًا على مواجهة أحد، وقرر أن يظل صامتًا خوفًا من أن يراه الناس مجنونًا، وأن ينظر إليه أحد بنظرة لا تعجبه. 


تمت محاكمته بالإعدام. صُدم الجميع حين اكتشفوا أن الظابط الذي كان يُعتبر نموذجًا في الأخلاق والمساعدة، أصبح قاتلاً متسلسلًا. ولكن لم يكن أحد يعرف أن زين كان ضحية الظروف والألم النفسي الذي عانى منه. 


سارة نصر 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خاطرة

قصة"قيود السحر وأجنحة الأمل"

خاطرة